في وقت تعيش فيه الدولة المصرية تحديات اقتصادية ومجتمعية متشابكة، وتخوض معركة وعي على أكثر من جبهة، تأتي مبادرة “دوري القهاوي” التي أطلقها وزير الشباب والرياضة الدكتور أشرف صبحي لتُجسد واحدة من أذكى أدوات التدخل المجتمعي وأكثرها قربًا من المواطن البسيط.
المبادرة، التي تستهدف الشباب في أماكن تجمعهم على المقاهي، ليست مجرد بطولة طاولة ودومينو بجوائز تتجاوز المليون جنيه… بل هي موقف سياسي وإنساني يعكس فلسفة دولة تُعيد تعريف علاقتها بمواطنيها.
الدكتور أشرف صبحي، صاحب الفكرة ومهندس تنفيذها، لم يتحدث فقط عن رياضة في الشوارع… بل تحدث عن الاقتراب الحقيقي من الناس، من خلال البيئة التي يتواجدون فيها بشكل يومي.
قالها بوضوح:
“أنا عايز أوصل للشباب على القهوة”.
كلمة بسيطة… لكنها تُلخص نهجًا كاملاً تتبناه الدولة المصرية الآن:
أن نذهب للناس، لا أن ننتظرهم.
من التوجيه السياسي إلى التنفيذ الشعبي
ما يجعل من “دوري القهاوي” تجربة استثنائية هو أنها لم تأتِ من فراغ، بل من رؤية دولة قررت أن تحارب الظواهر السلبية ليس بالقوانين فقط، بل بخلق بدائل حقيقية:
بدلًا من التدخين… طاولة
بدلًا من الفراغ… منافسة
بدلًا من العزلة… تواصل
بدلًا من السلوكيات السلبية… طاقة إيجابية
الرياضة هنا ليست غاية… بل وسيلة للتقارب، والحماية، وصناعة الأمل.
وفي بلد يشهد تنوعًا هائلًا في البيئة المجتمعية، من مدن كبرى إلى نجوع وكفور نائية، فإن الوصول للمواطن البسيط هو أقصى درجات النجاح السياسي والاجتماعي.
وهذا ما نجحت فيه وزارة الشباب والرياضة.
الاتحاد المصري للألعاب الترفيهية: رياضة بملامح مصرية
النجاح في مبادرة كهذه لم يكن ليكتمل دون شريك فاعل على الأرض، وهنا يأتي دور الاتحاد المصري للألعاب الترفيهية، برئاسة الدكتور أحمد البكري، الذي استوعب الفكرة، ونجح في تحويلها إلى واقع ملموس.
الاتحاد بدأ من الشارع، من القهوة، من التجمعات الشعبية… ليؤسس لنمط رياضي جديد يمتد بجذوره في ثقافة الناس اليومية.
لم يأتِ بخطط أوروبية أو نماذج مستوردة… بل بنى مبادرة خالصة، مصرية الهوى، واقعية الفكرة، ذات تأثير مباشر.
“القهوة” كمنصة وطنية للتغيير
ربما لم يسبق أن جرى التعامل مع المقاهي كموقع استراتيجي للتأثير الوطني، لكن دوري القهاوي يعيد تعريف “القعدة على القهوة”، ويحاول سحب البساط من تحت الظواهر السلبية، دون صدام، ودون وعظ… فقط بمنطق الترفيه، والتفاعل، والمكافأة.
وبدلًا من فرض الحلول من أعلى، جاءت هذه المبادرة من قلب الشارع… إلى الشارع.
دولة تبني وعيًا بهدوء
“دوري القهاوي” هو مجرد نموذج لما يمكن أن تفعله دولة مؤمنة بالاقتراب من مواطنيها.
ليس بالمحاضرات أو الشعارات، بل بالفعل والوجود الميداني.
ولعل الأهم في هذه المبادرة ليس عدد الجوائز، ولا عدد المشاركين، بل أن المواطن شعر لأول مرة أن الدولة بتجيله… مش بتستناه.
وهذا وحده… كافٍ ليمنح المشروع قيمته التاريخية.
وفي النهاية ولا يسعنا في هذا المقام إلا أن نُعرب عن بالغ الشكر والتقدير للدولة المصرية التي لا تدّخر جهدًا في ابتكار الحلول المجتمعية التي تلامس الواقع وتحتضن المواطن حيثما كان، ونخص بالشكر معالي الدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، على ما يبذله من رؤية وجهد وإصرار لإعادة تعريف العلاقة بين الدولة والمواطن من خلال الرياضة، كوسيلة بناء، وحماية، وتمكين.
مبادرات كهذه لا تُقاس بحجم الجوائز أو عدد المشاركين فحسب، بل تُقاس بقدرتها على تغيير الوعي، وتقريب الدولة من أبنائها، وهي رسالة شكر مستحقة من كل مواطن يرى في تلك الخطوات أملاً حقيقيًا في غدٍ أفضل.