عربي ودوليثقافة و فن

تاريخ المتاحف المصرية من الأكاديمية المصرية للفنون بروما

سناء النني

شهدت قاعة المحاضرات في أكاديمية المصر للفنون بروما أمسية ثقافية مميزة، قدّم خلالها الباحث والمؤرخ الثقافي شريف السباعي محاضرة قيّمة بعنوان: “المتاحف المصرية في القاهرة: من بولاق إلى المتحف الكبير”. وقد استقطب الحدث جمهورًا واسعًا من المهتمين بالآثار والتاريخ، من أكاديميين ودبلوماسيين وطلاب وباحثين، غصّت بهم مقاعد الأكاديمية.

استهلت الأمسية بكلمة ترحيبية لمديرة الأكاديمية، الدكتورة رانيا يحيى، نوّهت فيها بالدور المتجدد للأكاديمية كمؤسسة ثقافية تنشط في مدّ جسور التواصل الحضاري بين مصر وإيطاليا، مؤكدة أن “نشر المعرفة العلمية والتاريخية حول التراث المصري هو إحدى أولويات الأكاديمية في المرحلة الحالية، في انسجام تام مع رؤية الدولة المصرية في تعزيز القوة الناعمة”، كما وجهت تحية تقدير لمعالي وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى صاحب فكرة المتحف المصري الكبير، ووجهت دعوة للحضور لمشاهدة الحاضر المصري العريق الذي يجسد النهضة الحضارية التي تشهدها الدولة المصرية في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى.

بدأت الامسية بافتتاح معرض فني للكاريكاتير للفنان الإيطالي الشهير اندريا بيكيا، وحملت أعماله الروح المصرية التي غلفت كثير من السياق الفني لأعماله الإبداعية ولاقت استحسان وإعجاب الحضور، وعبر بيكيا عن امتنانه لمديرة الأكاديمية و اتاحتها الفرصة لتقديم هذا المعرض المتميز، كما أكد على محبته لمصر التي تعيش في وجدانه وشارك فيها بمعارض فنية لا يمكن أن يغفلها وتمثل له محطة مهمة في مشواره الابداعي .

بعد ذلك أفسح المجال للباحث شريف السباعي، المعروف بقدراته المتميزة في تبسيط المعلومة التاريخية وإيصالها إلى جمهور متنوع الثقافة والمعرفة . وقد اصطحب الحضور في رحلة سردية مشوّقة بدأت من القرن التاسع عشر، حيث استعرض مراحل نشأة المتاحف في القاهرة، بدءًا من متحف بولاق الذي أسّسه العالم الفرنسي أوجست مارييت عام 1858، مرورًا بمرحلة نقل المجموعات الأثرية إلى قصر الجيزة، ثم استقرارها في مبنى ميدان التحرير، الذي ظلّ لعقود طويلة واجهة التراث المصري أمام العالم.

وتناولت المحاضرة أيضًا التحولات المؤسسية والإدارية التي مرّت بها المتاحف المصرية، وأثرها على بناء الوعي الوطني وتشكيل الهوية الثقافية الحديثة، بالإضافة إلى ما واجهته من تحديات في مجالات الحفظ والعرض والتوثيق.

وتوقف السباعي عند لحظة مفصلية في التاريخ المتحفي المصري المعاصر، وهي الانتقال من المتاحف الكلاسيكية إلى المشاريع الطموحة في المتاحف الحديثة، وعلى رأسها المتحف المصري الكبير في الجيزة والمتحف القومي للحضارة المصرية، وخصّ المحاضر المتحف الكبير بجزء وافر من العرض، مشيدًا بتصميمه المعماري الفريد، ورؤية العرض الجديدة التي تهدف إلى إعادة سرد حضارة مصر القديمة بأسلوب عصري تفاعلي يجذب الأجيال الجديدة.

وقد أضفى استخدام الصور الأرشيفية والخرائط والرسومات التوضيحية بُعدًا بصريًا غنيًا على العرض، مما ساعد على تقريب المفاهيم التاريخية والتقنية للحضور، وترك انطباعًا قويًا عن أهمية هذا النوع من المحاضرات التي توفّق بين العمق الأكاديمي والجاذبية الجماهيرية.

وقد عبّر العديد من الحاضرين عن إعجابهم بالمحاضرة الشيقة، مشيدين بدور الأكاديمية في تنظيم فعاليات تثري الحوار الثقافي وتبرز مساهمات الباحثين المصريين في المحافل الدولية.

يُذكر أن هذه المحاضرة تأتي ضمن سلسلة من الفعاليات التي أطلقتها أكاديمية مصر في روما في إطار استراتيجيتها لتكثيف النشاط الثقافي المصري في الخارج، برؤية منفتحة وشراكات جديدة مع مؤسسات ثقافية أوروبية. وتُعدّ الدكتورة رانيا يحيى من أبرز الوجوه النشطة في هذا السياق، حيث تسعى منذ توليها إدارة الأكاديمية إلى إعادة إحيائها كمركز إشعاع ثقافي حقيقي يعكس تنوع وغنى المشهد الحضاري المصري.

عقب المحاضرة قدمت الفنانة المصرية المتألقة سلمى صادق عازفة الكمان الشهيرة بألمانيا فقرة فنية كلاسيكية تضمنت عددا من المعزوفات البديعة كعزف منفرد ، كانت الأعمال تؤكد براعة العازفة وإمكانياتها التكتيكية المتفردة والتي لاقت إعجاب جميع الحضور، وأشادوا بالمستوى المتميز لعازفة مصرية تحمل روح الشرق وإبداع الغرب.
وفي ختام الأمسية قامت مديرة الأكاديمية بتكريم المشاركين وقدمت لهم شهادات تقدير ودروع الأكاديمية تقديرا لجهودهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى