عربي ودولي

قصة جاسوسة يهودية اخترقت النظام الإيراني

قصة جاسوسة يهودية اخترقت النظام الإيراني

نورهان عيد 

تدور قصة الجاسوسة اليهودية  كاثرين بيريز شاكدام، التى اخترقت النظام الإيراني، وذلك في واحدة من أكثر عمليات التجسس جرأةً في السنوات الأخيرة، حيث ذكرت الصحفية الفرنسية اليهودية، التي يُزعم أنها تمكّنت من اختراق الدوائر العليا في إيران متخفيةً في زي امرأة شيعية، لتصبح واحدة من أبرز الجواسيس الذين خدموا جهاز الموساد الإسرائيلي داخل الأراضي الإيرانية، وذلك وفق تقرير مثير نشره موقع”JFeed”الإسرائيلي.

كاثرين بيريز شاكدام مع الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي
كاثرين بيريز شاكدام مع الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي

هوية زائفة لاختراق النخبة

عاشت كاثرين سنوات من الخداع الممنهج، اعتمدت فيه على اعتناق الإسلام ثم التشيّع لاحقًا، لتكتسب ثقة الشخصيات السياسية والدينية البارزة، حتى وصلت إلى محيط المرشد الأعلى علي خامنئي نفسه، ونجحت في بناء علاقات شخصية مع زوجات القادة والضباط الإيرانيين، وهو ما مكّنها من جمع معلومات حساسة من قلب المنازل والمؤسسات.

عملت في مؤسسات إعلامية إيرانية بارزة مثل طهران تايمز، مشرق نيوز، تسنيم نيوز، مهر نيوز، وحتى الموقع الرسمي للمرشد الأعلى، ووفقًا لتقارير إسرائيلية، فإن مقالاتها التي امتدحت فيها الثورة الإسلامية وانتقدت الغرب ساعدتها على التغلغل أكثر فأكثر داخل المجتمع الإيراني، ومن أبرز لقاءاتها مقابلتها مع الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي عبر قناة روسيا اليوم، ولقاؤها بالجنرال قاسم سليماني في كربلاء، حسبما نقلت مجلة”Organizer”.

كاثرين بيريز شاكدام مع مراسل تايمز أوف إسرائيل
كاثرين بيريز شاكدام مع مراسل تايمز أوف إسرائيل

صدمة أمنية وهروب عاجل 

لم تكتفِ الجاسوسة اليهودية بالعلاقات الاجتماعية، بل نفذت عمليات استخباراتية حيوية، منها تصوير مواقع عسكرية وجمع بيانات عن تحركات مسؤولين، لتساعد هذه المعلومات في تمكين إسرائيل من شن ضربات دقيقة على أهداف داخل إيران في يونيو 2025، شملت اغتيال شخصيات بارزة مثل رئيس الأركان العامة، وقادة في الحرس الثوري، وضرب مواقع نووية ودفاعية.

مع انكشاف أمرها، أطلقت السلطات الإيرانية حملة ملاحقة شاملة، وعُلّقت ملصقات تحمل صورتها في الشوارع، كما أُعدم ثلاثة رجال يُشتبه بتعاونهم معها، من بينهم إسماعيل فكري، الذي اتُهم بنقل معلومات حساسة للموساد، فضلًا عن اعتقال العشرات، بمن فيهم لاجئون أفغان، ما أثار قلقًا لدى منظمات حقوق الإنسان من استخدام القضية كذريعة لقمع المعارضين.

رواية مضادة

في مقابلة مع صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» بتاريخ 1 نوفمبر 2022، نفت كاثرين أن تكون جاسوسة، ووصفت ما نُسب إليها وقتها بأنه «رد فعل عاطفي على إرثها اليهودي»، وبعد طلاقها من زوجها اليمني عام 2014، عادت لهويتها اليهودية، ووصفت عملها السابق مع الإعلام الإيراني بأنه نابع من «كراهية الذات»، مشيرةً إلى أن وجودها في طهران كان بصفة صحفية فقط، وأن جنسيتها الفرنسية سهّلت تحركاتها.

غير أن صحيفة”مينت برس نيوز” الأمريكية نشرت عام 2022 تحقيقًا يُشكك في روايتها، مشيرة إلى صلاتها بشركة”Wikistrat”الاستخباراتية، مشاركتها في مشاريع حساسة داخل إيران، بجانب وجودها السابق كمستشارة في مجلس الأمن لشؤون اليمن، وكتاباتها حول الإرهاب والتطرف، كلّها مؤشرات على علاقات أعمق مع أجهزة استخبارات غربية.

إيران في حالة ذهول

نتائج نشاط الصحفية الفرنسية الاستخباراتي كانت كارثية على الأمن الإيراني، ووفقًا لتصريحات قديمة من الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، فإن بعض قادة الأجهزة الأمنية ربما كانوا أنفسهم مخترقين.

نقل موقع”News18″عن مصادره أن قصة بيريز شاكدام ليست فقط واقعية بل تصلح لتكون سيناريو لفيلم تجسّس معقّد، كما وصفها البعض على منصة «X» بأنها”لورنس العرب الجديد”،”سيدة إسرائيل المظلمة”.

اللافت في قصتها أكثر أن أحدًا لا يعرف أين هي الآن، بعض التقارير الإسرائيلية تؤكد أنها تعيش في لندن وتعمل زميلة بحثية في جمعية”هنري جاكسون”، تعرّف نفسها اليوم كصهيونية ملتزمة، وتستغل تجربتها في إيران واليمن لتحذير الغرب من”اختراق النظام الإيراني للمجتمعات الديمقراطية”.

قصة يهودية عابرة للقارات

حسب البودكاست اليهودي”Johnny Gould’s Jewish State”، تنحدر كاثرين من عائلة من اليهود السفارديين، فرّت من إسبانيا في القرن الـ15، وعانت من الاضطهاد في تونس وفرنسا خلال القرن العشرين.

شكّلت تجاربها شخصية جريئة، استطاعت الانتقال من حياة تقليدية إلى مسرح تجسّس دولي، جمعت فيه بين الجمال، والذكاء، والقدرة الفائقة على التمويه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى