مصر اليوم

الإيجار القديم يتثير جدلا بين المستأجرين

مستأجر: اتمنى اموت فى بيتى

صلاح ضرار

قال مستأجر في إحدى العمارات العتيقة الواقعة بشارع نوبار بوسط البلد، تجلس أرملة تبلغ من العمر 72 عامًا، رفضت ذكر اسمها، بين جدران شقة تحمل ذكريات عمرها خمسون عامًا، وهي إحدى الوحدات السكنية الخاضعة لنظام قانون الإيجارات القديمة، وبصوت هادئ يخالطه الخوف، قالت: «بدفع 45 جنيه من أكتر من 50 سنة، دي شقة جوزي الله يرحمه، ودي حياتي كلها، أنا دلوقتي أروح فين لو طردوني؟».

مرت هذه السيدة بمراحل الحياة كافة داخل هذه الشقة الصغيرة. زوجها، الذي كان موظفًا بسيطًا، حصل على عقد الإيجار في سبعينات القرن الماضي، أنشأ فيها أسرته، واليوم تعيش وحدها بعد أن تزوجت ابنتاها، كل واحدة في بيتها.

«أنا ست كبيرة، ومش حمل البهدلة، أنا مش ضد زيادة الإيجار، بس مش معقول يكون الحل هو الطرد»، تضيف بحزن «معاشي 5300 جنيه، أجيب مقدم شقة منين؟».

ليست هذه السيدة وحدها، فهناك ملايين مثلها مهددون بفقدان مأواهم بعد إعلان الحكومة عن مشروع تعديل قانون الإيجارات القديمة، في خطوة أثارت عاصفة من الجدل بين مؤيد ومعارض، وفتحت نقاشًا كبيرًا حول العلاقة بين المستأجرين والملاك، وحق السكن الآمن لكبار السن وأصحاب الدخل المحدود.

صرخة المستأجرين ضد قانون الإيجار القديم

وسط هذا التوتر، عقدت رابطة المستأجرين بالتعاون مع الجبهة الشعبية للعدالة الاجتماعية وعدد من الأحزاب والنواب البرلمانيين، مؤتمرًا موسعًا مساء أمس الثلاثاء لمناقشة أبعاد تعديلات قانون الإيجار القديم المقدم من الحكومة إلى مجلس النواب، عاطف مغاوري، هيثم الحريري، وسناء السعيد كانوا من بين الحضور الذين عبروا عن رفضهم الكامل للقانون المقترح، الذي وصفوه بأنه يميل بشكل صارخ لصالح الملاك على حساب حقوق أكثر من 3 ملايين مستأجر سكني وتجاري يمثلون ما لا يقل عن 15 مليون مواطن.

جاء في بيان المؤتمر أن القانون الجديد يتجاهل البعد الاجتماعي والإنساني للأزمة، فالمقترح الحكومي يتضمن إنهاء العقود الحالية بعد فترة انتقالية مدتها خمس سنوات، وهو ما يعني فعليًا «الطرد المؤجل»، على حد تعبير البيان. وأوضح الحاضرون أن ما تقدمه الحكومة في مشروع قانون الإيجار القديم من حلول بديلة غير واقعية، كأن تُنقل الأسر إلى مناطق جديدة بمقدمات وأقساط لا يستطيعون دفعها.

من المثير أن المحكمة الدستورية العليا قد أصدرت في وقت سابق أحكامًا أكدت على دستورية امتداد عقود الإيجار لورثة المستأجر الأصلي من الجيل الأول، وهو ما لم يراعَه مشروع القانون المقترح، وتضيف الرابطة أن الكثير من المستأجرين دفعوا «خلوات» كبيرة عند بداية العلاقة الإيجارية، وبعضهم دفع ما يعادل نصف أو أكثر من قيمة الوحدة حينها، كما أن الملاك استفادوا من دعم الدولة لمواد البناء، وهو ما يوجب، حسب المشاركين في المؤتمر، رد الحقوق قبل المطالبة بالإخلاء.

أكثر ما أثار الاستياء هو أن الحكومة تقترح زيادات جائرة في الإيجار تصل إلى 20 ضعفًا للسكني وخمسة أضعاف للتجاري، مع حد أدنى لا يقل عن ألف جنيه شهريًا. هذه الزيادات وصفت بأنها تعسفية، خاصة في ظل تدني الرواتب والمعاشات.وأشارت الرابطة إلى أن الحكومة أدمجت الإيجار التجاري مع السكني في مشروع القانون بشكل غير قانوني، حيث لم يرد ذلك في أحكام المحكمة الدستورية،

وأوضح المؤتمر أن هناك 12 مليون وحدة سكنية مغلقة في مصر، منها فقط 450 ألف وحدة بالإيجار القديم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى