يا من كتبت الدمع فوق مدادي
ونسجت من وجع السنين ودادي
يا من سكبت الروح شوقا ناطقا
ونثرت فوق الحلم ألف سواد
يا من جعلت الليل يهمس باسمي
ويضم بين يديه كل ودادي
يا من سألت الدهر عني ضارعا
وبكيت فوق جراحك الميّاد
كيف السبيل إلى لقاك ومهجتي
تغفو على أشواقك الوقاد
أنا لم أمت بل قد متى بحبك
مذ ودعتني فوق رصيف بعاد
أنا لم أهنك في هواك وإنما
قد كنت أسكن في دموع فؤاد
حملتني الأيام كرها عنك يا
عمري وصوتك كان شدو ودادي
يا من بكى وجدي عليك وليتني
أبكيك فوق جبينك العباد
كم مرة همست نجومك باسمي
وكم مرة بكت المدى لبعاد
كم مرة عبرت بحور الحزن كي
ألقاك بين مرافئ الأعياد
لكن صدى القدر اللعين صدّني
وعصفت بي أنواء فقدك الحاد
فارفق بقلب تاه منك حنانه
وانسكب دمعا فوق كل وهاد
أنا لست أنسى، كيف أنسى عاشقا
وهب الحياة لقلبه المياد
أنا لست أنسى رغم بعدي صورة
ما زالت الأيام تطري زاد
يا من غزلت الروح من أحلامه
وطرّزت دنياي من أبعاد
عدني إلى حضني فما للكون من
معنى إذا ضللت عن ميعاد
عدني فقلبي لا يزال يضمك
بين الدروب وحلمنا المنضاد
عدني فوجهك في خيالي زهرة
عطشى تفتش عن نسيم رقاد
عدني فحبك قد تجاوز مهجتي
وغدا سلاما في رحاب وداد
عدني فأنت العمر أنت طفولتي
أنت الشباب وأنت فجر جهاد
أنت الحنين إذا تجمهر ليله
أنت السكون إذا تمرد زاد
أنت الذي أحياك نبضي عاشقا
أنت الذي وهب الحياة مداد
وسألت نفسي عنك ألف قصيدة
وسألت حتى الموت عن ميعاد
فإذا الحياة بدون طيفك وحشة
وإذا الزمان بغير ودك باد
وإذا الليالي حين يخذلني المدى
تحنو علي بذكرك الوقاد
وإذا الدموع تبوح أني ها هنا
أحيا وأموت على هواك أعاد
فلا تعتب القلب الذي ضم الحشا
والذي بنبضك قد غفا وساد
فأنا وأنت حكايتي ومسيرتي
وأنا الهوى وأنت فيه عماد
أحيا بك الخفقات أنشد رعشة
وأموت إن غابت ملامح ساد
وأظل أبحث عنك في وجداننا
وأظل أبكي كلما أناد
وأظل أكتبك القصائد خاشعا
حتى يعود الدهر عن عناده
حتى ألقاك على ضفاف محبتي
ويعود عمري كي يعيش بعاد
ويعود كل الحب يغمر موطني
وأضم طيفك فوق كل بلاد
يا ليتني كنت السماء حنانها
أو كنت فجرا يستظل بزاد
يا ليتني كنت الندى فوق الرُبى
أو كنت عطرا يشتهي ميلاد
ما فارقتك روحي وإن هزمتني
كل الليالي وانطوى ميعاد
ما غبت عن قلبي وإن غابت خطى
أنت الدليل وروح كل وداد
وسألت دهري كلما ضجّ الأسى
أين الذي أسكنته فؤاد
فأجابني: ما غاب عنك وإنما
خفي الحنين وخلفه ميعاد
فانهض حبيبي فوق جرحك وابتسم
فالروح وعد والصلاة زاد
وامضِ فإن الحب أكبر قَسمة
كتبت عليك بحكمة الأمجاد
فإن القلب سوف يضمنا
يوما وإن طالت دروب بعاد