تحقيقات وتقارير

الأنوثة المظلمة

بقلم: كريمان سالم

هل يمكن أن تكون الأنوثة أكثر من مجرد رقة وجمال؟
كيف ينظر المجتمع إلى الأنثى؟ وكيف ترى هي نفسها؟

الأنوثة، في حقيقتها، تحمل غموضًا يربكنا أحيانًا. كثيرًا ما نجهل جوانبها الخفية، أو نخشى الاقتراب منها، فنلجأ إلى اختزالها في صور نمطية معلنة وملموسة: الجمال، النعومة، الطاعة، والانقياد.
لكن، ما إن تخرج المرأة عن هذا الإطار، حتى تنهال حولها التساؤلات وتُسلَّط عليها نظرات الريبة.

دعونا نحاول الغوص في أعماقها، في بحارها المظلمة، وعبَراتها المتناثرة، لنكشف حقيقتها، جوهرها، ومكنونات نفسها، حتى تستريح هي، ويرتاح الرجل الحائر أمامها.

يقول الفيلسوف وعالم النفس السويسري كارل يونغ:
“الأنوثة تحمل كلا النقيضين: النور والظلام.”

النور هنا هو الوجه الظاهر، الناعم، المعتاد: التضحية، الحنان، التفاني. أما الظلام، فهو ما يخشاه المجتمع ويخفيه: الغضب، الحدة، الاستقلال، الرفض، والتمرد.
صفات وُضعت تحت مسمى “المحرَّم” على المرأة، وكأنها لا تملك الحق في امتلاك طيف المشاعر كاملاً، وكأنها ليست كائنًا بشريًا يشعر، يغضب، يرفض، ويثور.

الأنوثة المظلمة، في شكلها المتوازن، ليست عيبًا أو خللًا، بل هي جانب مكمل لطبيعة المرأة. ومن دون هذا الجانب، تفقد القدرة على التعبير والتفاعل الصحي مع المجتمع.

تخيَّل مخلوقًا يعجز عن قول “لا”، لا يمارس حق الرفض، ولا يعبّر عن غضبه أو رغباته!
كيف يمكن له أن يتكيّف؟ وكيف لها أن تُربّي جيلًا قادرًا على اتخاذ قراراته بحرية ووضوح؟

فطرة المرأة الفاتنة مطلوبة، وهي جزء من زينتها الطبيعية، لكن جانبها “المظلم” لا يقل أهمية.
الاعتراف به، تقبّله، والتأقلم معه، لا يعني الانحراف، بل يعني اكتمال التوازن.

لكن، كما أن هذا الجانب قوة، فهو أيضًا سلاح ذو حدين:
إما أن يجعل من المرأة أنثى متكاملة، قوية، قادرة على لعب دورها في الحياة بثقة ووضوح،
أو أن يُستغل بشكل مفرط فيتحوّل إلى أداة تدمير للذات ولمن حولها.

ولو غلبت الظلمة عليها، رماها المجتمع بأبشع الأوصاف.
ولو غلب عليها النور وحده، رماها رفيق دربها باحثًا عن “أنثى مظلمة”!

كريمان
كريمان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى