تحقيقات وتقارير

إبراهيم مدكور يكتب:تشريع في لحظة انتصار

أكتب هذه السطور لا بصفتي متابعًا للشأن الرياضي فقط، بل كمواطن شاهد مسيرة شاقة من العمل الحكومي الذي لم يسعَ للشو الإعلامي، بل اختار الطريق الأصعب: الصبر والمثابرة والإصلاح من الداخل.

في مصر، نادرًا ما يُقدر المجهود الصامت، ونادرًا ما تُحتفى الإنجازات التي لا تصدر ضجيجًا. لكن، اليوم، نكتب بأمانة وصدق، لنقول:
شكرًا للدكتور أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، الذي أفنى سنوات من عمره في سبيل إصلاح منظومة رياضية كانت في أمسّ الحاجة للتطهير والتطوير.

لم يكن تعديل قانون الرياضة مجرد ملف على مكتب وزير، بل كان مشروعًا وطنيًا اصطدم بمقاومة، وتعرض لهجوم، وواجه ضغوطًا من أطراف كثيرة، كلٌ يبحث عن مكاسبه الخاصة. لكن الوزير الشاب لم ينحنِ، ولم يساوم، ولم يهادن.

إجماع.. لم يأت من فراغ

ما حدث تحت قبة البرلمان يوم الثلاثاء 8 يوليو 2025، حين وافق مجلس النواب بالإجماع على تعديلات قانون الرياضة، لم يكن مجرد لحظة تصويت، بل لحظة انتصار للإرادة والإدارة.
هي لحظة تُوجت فيها سبع سنوات من الكفاح، بدأت عام 2020 بإصدار قانون الهيئات الشبابية، واستمرت دون انقطاع، حتى وصلت اليوم إلى تعديل قانون الرياضة رقم 71 لسنة 2017، ليصبح قانون الرياضة 2025 واحدًا من أكثر القوانين نضجًا ومواءمة لمعايير الميثاق الأولمبي الدولي.

مواقف تُخلد.. لا تُنسى

ربما لم ينسَ المتابعون كيف وُجهت الانتقادات للوزارة بمجرد طرح فكرة تعديل القانون، وكيف حاول البعض تصويرها كخطوة تهدف للسيطرة أو لتصفية حسابات.
لكن الوزير صبحي التزم الصمت، وترك للمؤسسات الدولية أن تشهد، وفعليًا، جاءت الإشادات من اللجنة الأولمبية الدولية، عبر النائبة آية مدني، لتؤكد أن التعديلات تمت وفقًا لأعلى معايير التنسيق والشفافية.

مظلة سياسية وتشريعية واحدة

تحدث الدكتور أشرف صبحي من تحت قبة البرلمان بكلمات صادقة، موجهًا شكره أولًا إلى فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي على دعمه الكامل، وتكليفاته الواضحة بشأن حوكمة الحركة الرياضية. ثم إلى دولة رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، ورئيس مجلس النواب المستشار الجليل الدكتور حنفي الجبالي، وأعضاء لجنتي الشباب والرياضة، والشؤون الدستورية والتشريعية.

كما لم ينس الوزير أن يوجه شكره للإعلام الرياضي، الذي لعب دورًا وطنيًا مهمًا في الحفاظ على استقرار المؤسسات الرياضية، والتصدي لمحاولات التشويه أو التشكيك.

بين الهدم والبناء… اختار البناء

لا يمكن تجاهل أن وزير الشباب والرياضة اختار الطريق الأصعب: طريق البناء وسط الانقسام، والإصلاح وسط الارتباك، والعمل وسط هجوم متواصل.
ولعل أكبر دليل على نجاحه أن من كانوا يهاجمون الأمس، أصبحوا اليوم يصفقون. لأن الحقيقة دائمًا تُفرض في النهاية، لا بالضجيج، بل بالنتائج.

لقد خاض الوزير معركته بقدر كبير من الرزانة والهدوء، دون أن يرد على كل سهم وُجه له، ودون أن يُشهر منجزاته، حتى جاءت اللحظة التي تحدث فيها التصفيق بالإجماع، لا الكلمات.

الرياضة المصرية تدخل مرحلة جديدة

قانون الرياضة الجديد ليس مجرد إطار قانوني، بل هو نقلة نوعية تفتح المجال أمام أندية ومؤسسات رياضية أكثر التزامًا، واتحادات تخضع لحوكمة حقيقية، ومنظومة تستعيد الثقة الدولية والمحلية.
هو القانون الذي يضع الرياضة المصرية على خارطة النزاهة والتطور، ويمنحنا جميعًا أملًا بأن القادم سيكون أفضل.

كلمة أخيرة من مواطن مصري:

شكراً دكتور أشرف صبحي.
شكراً لأنك آمنت بأن المصلحة العامة تستحق التضحية.
شكراً لأنك واجهت، وصبرت، وانتظرت حتى تحدث الإنجاز عن نفسه.

في زمن الهدم السهل، اخترت البناء الصعب… وهذا هو الفرق بين من يعمل، ومن يتكلم فقط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى