ثقافة و فن

لِماذا نَنام؟

لِماذا نَنام؟

لِماذا نَنام؟!

وكُلُّ شيءٍ فينا يَصرُخ

كُلُّ شيءٍ فينا يُساوِمُنا

على لَحظةِ صَمت

داخِلَ عُقولِنا خُيولٌ مُراهَنٌ عليها

تَجري وتَعدو وتَستَعِرُ أرجُلُها

فوقَ جُزءِ الذكريات

لا تَتوقَّفُ عن العَدو

لا تَتوقَّفُ عن الاشتعال

لا تَهدَأ

ولَيسَ هُناكَ ماء

البَحرُ بَعيدٌ جِدًّا

وعَميقٌ جِدًّا!

وأنا

كَيْفَ أَمتَطي جِيادي

دونَ لِجام

كَيْفَ نَنام!؟

والشَّمسُ لا تَكُفُّ عنِ الوَهَج

سَنانِيرُ الصَّيادينَ كُسِرَت

فلا فُرصَةَ لِلنَّجاةِ مِنَ الجُوع

وشِباكُنا بَلِيَت

والصَّبرُ مَلَّ الانتِظار

أنا لا أُريدُ البَوح

لا أُريدُ الانتِظار

ولا الانتصار

زَهِدتُ كُلَّ الأشياءِ دُفعَةً واحِدة

انقَلَبَتِ الصُّورةُ على وَجهِها

فأصبَحَت وَرَقَةً بَيضاء

بِلا مَلامِح

أو حَتّى وَجهٍ مُظَلَّل

وَرَقَةً بَيضاء

بِخَلفِها اجتَمَعَت كُلُّ الحَياة

تَنتَظِرُ هَبَّةَ رِيحٍ تُرَفْرِفُها

تُهَدْهِدُها

حَتّى تَستَقِرَّ على أيِّ وَجهٍ شاءَت

بِكُلِّ هُدوء

وبِكُلِّ صَبرٍ مُفتَقَد

وبِكُلِّ صَخَبٍ وحَياة

وبِكُلِّ شَوقٍ ولَهفة

وبِكُلِّ خَطٍّ مُستَقيم

وبِكُلِّ اِنْحِناءَةٍ ورُتوش

لِماذا نَنام؟!

وأنتَ تُريدُ أَن أكونَ هُنا

وأنا لا أُريدُ سِواكَ

لِماذا نَنام؟!

ونَترُكُ القَمَرَ وَحيدًا

هَلِ الأَحلامُ أَحَقُّ بِنا مِنَ القَمَر!

أم أنَّ القَمَرَ أَقَلُّ

مِن أَن نُقيمَ لَهُ وَزنًا وَخاطِرًا!

لا تَنظُر خَلفَكَ

إن كُنتَ تَنوي أَن تَنامَ هذِهِ اللَّيلَة

ولا تَنظُر في مِرآتِكَ فَتَراني

ولا تَشرَب نَبيذًا فَتَهذي بي

ولا تَقِف أَمامَ البَحرِ فيُحَدِّثُكَ عنّي

اليَوم

بِتُّ أَعرِفُ لِماذا نَنام

حَتّى نُعطي الفُرصَةَ لِلأحلام

أَن تَأكُلَ مِنّا

أَن تَنمُوَ بِداخِلِنا شَجَرَةَ توت

تَتَجَذَّرُ بِأرواحِنا

تُنبِتُ أَوراقًا

نُداري بِها سَوأَةَ القَلب

ونُطعِمُ حَبّاتِها لأَفكارٍ

باتَت جائِعَةً لِخِتامٍ لِقِصَّتِنا

لِماذا نَنام

قَبلَ أَن نَفرُغَ مِنَ الحَكايا

قَبلَ أَن يَظهَرَ لَنا فَجر

يُلوِّنُ أَيّامَنا بِأَلوانٍ جَديدة

وعُيونٌ لا تَعرِفُ هُدأَةَ النَّوم

قَبلَ أَن يُعَلِّمَنا الهُدهُد

كَيْفَ لَنا أَن نَنام!

…………

شعر: كاريمان سالم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى