عربي ودولي

الهجوم المضاد الباكستاني على الخطاب العام

ماهر حسن

صرح وزير الدفاع الباكستاني خواجة آصف بأن “من الملائم للغاية للقوى العظمى إلقاء اللوم على باكستان” بينما “تُستخدم المنظمات الإرهابية كوكلاء للولايات المتحدة” أعاد إلى الواجهة سؤالاً قديماً ولكنه في الوقت المناسب.

من ينتج الإرهاب ومن يستخدمه؟

1. باكستان ككبش فداء في سردية مكافحة الإرهاب: على مدى عقود من الزمن، ظهرت باكستان كشريك رئيسي ومشتبه به في الوقت نفسه في استراتيجيات مكافحة الإرهاب الغربية. من التعاون في الحرب ضد طالبان إلى اتهامات “إيواء” الإرهابيين، كثيراً ما يُطلب من إسلام آباد الدفاع عن دورها وسط مطالب متضاربة.

2. نظرية الوكلاء

من أفغانستان إلى سوريا إن المنظمات العاملة في جنوب آسيا والشرق الأوسط غالبا ما يتم تمويلها أو تجهيزها أو نشرها في مناطق “الغموض الاستراتيجي” – حيث تلعب القوى العظمى دورا مزدوجا: المضطهدين والمستخدمين. وتأتي شكوى آصف في هذا السياق، مما يحول الاتهام إلى هجوم مضاد.

3. الرواية الباكستانية: “نحن لم نخلق الوحش” تحاول إسلام آباد صياغة روايتها الخاصة: وهي أن جذور الإرهاب في المنطقة ترجع إلى زعزعة الاستقرار المنهجي من قبل أطراف ثالثة (الولايات المتحدة، والاتحاد السوفييتي، وحتى المملكة العربية السعودية). وفي هذه الرواية، لا يتم تقديم باكستان باعتبارها منتجة، بل باعتبارها ضحية للاستغلال الجيوسياسي.

4. من الدفاع عن النفس إلى منع العزلة الدبلوماسية إن موقف آصف له هدف مزدوج: وقف الضغوط الهندية والغربية على باهالجام والشبكات الإرهابية، ومنع المزيد من العزلة الدولية المحتملة. وهي محاولة للحفاظ على المصداقية الإقليمية، خاصة أمام الصين ومنظمة التعاون الإسلامي.

5. الغرب تحت مجهر خطابه الخاص: إن الهجوم المضاد الباكستاني يكشف الغرب عن تناقضاته الخاصة: ففي ليبيا وسوريا، وحتى أوكرانيا، كانت هناك مزاعم بدعم أو التسامح مع الجماعات المسلحة “المفيدة”. وتستغل باكستان هذا الأمر لخلق “ذريعة دولية”.

الخلاصة إن بيان آصف ليس دفاعيا فحسب، بل هو عنصر من عناصر الاتصال الاستراتيجي. مع انزلاق جنوب آسيا إلى مرحلة جديدة من عدم الاستقرار، فإن مسألة من يلقي اللوم على من وعلى أي أساس أخلاقي تلعب دورا محوريا. في عالم حيث أصبح الإرهاب أداة بقدر ما هو تهديد، ربما تكون رواية القصص هي السلاح الأقوى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى