بقلم/ نورا الحسيني
ربما ما نشهده من تطور ملحوظ في عالم التكنولوجيا المرئية والسمعية، سواء في تأثيرات الصوت أو برامج الميديا المتنوعة، وهجوم الذكاء الاصطناعي، الذي أصبح لا يمكن الاستغناء عنه في بعض جوانب حياتنا، بل ويدخل في جميع نواحيها.
خطورة التكنولوجيا
أصبح الذكاء البشري المحدود، الذي صنع هذا الوهم العملاق، أداة للسيطرة على عقول البشرية واستدراجها من العدم إلى عالم الوجود.
لعلنا نرجع بذاكرتنا إلى الوراء، لنتذكر أن صناعة فيلم أو تأليف كتاب أو حتى اختراع أو ابتكار جديد، كانت تتطلب تفكيرًا عميقًا، وجهدًا بحثيًا دقيقًا، يقوم على خطط منهجية ويستغرق وقتًا وجهدًا كبيرين. ورغم هذا، كانت النتائج أكثر عمقًا واستمرارية. إلا أننا، ورغم الطفرة التكنولوجية المفرطة، لم نشهد سوى اختراعات محدودة، وانتشر الهرج والمرج في هذا العصر.
مما يستدعي وقفة تأمل حيادية من النفس البشرية: إلى أي مدى سيقودنا هذا الذكاء؟ وأين ضاعت هويتنا البشرية؟ وإلى أي مدى سيكون أبناؤنا قادرين على استقبال هذا التطور غير المسبوق، بحسب رؤية هؤلاء المطورين؟!
ضياع الهوية البشرية
أقصد بهذه العبارة تحديدًا: غياب تشغيل العقل البشري. فقد توالت الأحداث، وأصبح استخدام التكنولوجيا مرتبطًا بانتشار قضايا قتل شهيرة، أو فضائح أخلاقية، أو خرق لقواعد الأمم، وانتشار الجهل والفساد. وهذا ما تحركه تلك “الذكاءات”، التي أراها دهاءً لا ذكاءً. فإن أردت هدم أمة، تجاهل علماؤها وأصغِ للجهلاء.
هذا ما نعيشه حاليًا، حيث تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي أحداث غير مفيدة على الإطلاق، وتلقى ملايين المشاهدات في أقل من دقيقة، مما يُعلّم الآخرين الفساد الأخلاقي بلا حدود.
فالمُشاهد أو المتلقي هو وحده من يقرر ما يتبعه، وما يشاهده. وبالتالي، أصبحت المسألة نفسية بامتياز. فماذا ترى؟ ماذا تتبع؟ ماذا تشاهد؟
علينا – نحن الآباء والأمهات والمعلمين والمعلمات – أن نتصدى لتلك الظواهر بالتحلي بالخلق الحسن، وزرع القيم الدينية والأخلاقية لدى أبنائنا، ومصاحبتهم باستمرار، واستقبال مفاهيمهم بصدر رحب، وتعديل السلوكيات الخاطئة إلى أخرى صحيحة، دون توبيخ مباشر.
يمكننا الوصول إلى أعماقهم بالمودة والمحبة. صاحبوا أبناءكم، وأرشدوهم بالكلمة الطيبة، وإن خالفوكم بعد إدراك الخطأ، فاعتمدوا أسلوب الثواب والعقاب، كما علمنا الله تعالى على لسان قدوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فالحياة لا تسير على وتيرة واحدة، وأصبحنا نواجه طاغوت التكنولوجيا، الذي أكل الأخضر واليابس، واستولى على عقول البشر بدهاء. فعلينا أن نعامله بذكاء.